يوم تشهده كل العصور!!

هو يوم مميز في حياة أي امرأة سعودية…. يوم طويل و فيه من (الأكشن) ما يستوجب التأريخ!! ذلك اليوم هو اليوم الذي تكون فيه أي امرأة مدعوة لحفل زفاف! و لاحظوا معي… المرأة في هذا اليوم مجرد (مدعوّة) و ليست العروس أو أخت أحد العروسين…
و دعوني أنقل لكم أعزائي وقائع و تفاصيل هذا الحدث التاريخي الذي قد يتكرر مرات عديدة في حياة بعض النساء في السعودية ممن أدمنّ السهر و الأفراح…

في الصباح (ما بين الساعة 11 و الثانية ظهرا…فهذا هو “صباح” بعض السيدات):

تفتح السيدة دولابها (المحشو) بجيش ضخم من فساتين السهرة التي يكلف أقل واحد منها ما بين 3000 إلى 10000 ريال سعودي…. تمكث ساعة تقريبا في اختيار الفستان المناسب الذي تكون متأكدة من أن أحدا لم يرها به من قبل!
و بعد ذلك تقضي السيدة ساعة أخرى لاختيار الحقيبة و الحذاء المناسبين و كذلك طقم المجوهرات الباهظ الثمن ليليق بالفستان الأسطوري….
يأتي وقت الغداء و لكن الزوج و الأولاد يعرفون أنه في (يوم الفرح) لا تطبخ ربة البيت و الغداء طبعا يكون دجاج من البيك أو ماكدولنالدز و في أحسن الحالات مشويات لبنانية…
الساعة الرابعة تماما تذهب السيدة لصالون التجميل و ما أكثرها لدينا و كلها ذات أسماء براقة ما بين فرنسية و مكسيكية و برازيلية مثيرة….. و العاملات في هذه الأماكن حريصات جدا على أن يواكبن الموضة و أن تخرج من عندهن السيدات و هن في أجمل حُلّة!!

في صالون التجميل من الساعة الرابعة عصرا إلى الساعة العاشرة مساء!

تكون السيدة قد حجزت موعد مسبق مع صالون التجميل إلا أنها – مع هذا – و كما هو معتاد في بلدنا, لابد أن تنتظر (ساعات) إضافية لأن الصوالين عادة لا يوجد فيها تنسيق كافي إلا إذا كان للسيدة واسطة كأن تعرف إحدى العاملات أو صاحبة الصالون!
تأتي مصففة الشعر أولا و تقوم بغسل الشعر و قصه إن لزم الأمر ثم تترك الزبونة تنتظر إلى أن تأتي مصففة شعر أخرى مختصة بتجفيف الشعر…. و في هذه الأثناء تقوم السيدة بتصفح مجلات الجمال لاختيار التسريحة التي تريديها و تتفاوض مع المصففة حول التسريحة الأنسب….
وعادة لا تختار السيدة التسريحة المناسبة لها، بل التسريحة التي تقوم بعرضها فتاة جميلة في المجلة!! و تبدأ مناقشة حادة نوعا ما بين المصففة و السيدة… المصففة تحاول جهدها إقناع السيدة أن التسريحة لا تناسب شكل وجهها و لا تناسب عمرها و السيدة تصر على أنها صغيرة إلا أن هم الأولاد و أبوهم هو الذي أضاف سنوات إلى عمرها و تصر أيضا أنه مع الماكياج سوف تناسبها التسريحة!!
و أذكر أني حضرت نقاشا ناريا بين سيدة تجاوزت الأربعين بقليل تريد عمل إحدى تسريحات نانسي عجرم…المصففة أكدت لها أن التسريحة لا تناسبها إلا أن السيدة أصرت إصرار شديد اللهجة….و تم لها ما أرادت….قامت المصففة بعمل (نفس) التسريحة بالضبط بامتعاض و (قرف) و أجادت عملها إلا أن الزبونة خرجت غاضبة و ثائرة لأنها عندما نظرت إلى نفسها في المرآة لم تر أي وجه شبه بينها و بين الأمورة نانسي!!
و للمعلومية فقط …هذه العملية تستغرق حوالي ثلاث ساعات ما بين مشاورة و مناورة و مداراة بين الزبونة و المصففة و تصليح و ترقيع للشعر المستعصي أو المغلوب على أمره!! و الآن… لا تظنوا أن الرحلة انتهت بعد…و إليكم الجزء الأكثر إثارة في الجزء الأول من اليوم!!
الماكياج!!
الماكياج معناها بالإنجليزي Make-up و الفعل المضارع من هذه الكلمة بالانجليزية يعني التعويض!! و ما أكثر ما تحتاج النساء لهذا النوع من التعويض!
الماكياج قد يبدو سهلا للأشخاص (عديمي الخبرة) و لكنه فن …و أيضا (طبقات)! و لكي أسهل عليكم تصور الأمر, تذكروا معي فيلم (ماسك) لجيم كاري…هذا تماما ما يحدث في ماكياج النساء….الماكياج عبارة عن (قناع) تخفي به المرأة أي شيء لا يعجبها في وجهها و لكن المصيبة أنها أحيانا تخفي حتى معالم وجهها الجميلة!
أما طبقات الماكياج فهذه تتفنن فيها (الكوافيرات) المتدربات ليناسبن الذوق السعودي (خصيصا)! الماكياج ليس مجرد وضع ألوان متناسقة, بل هو عملية شاقة تتكون من اختيار أكثر من عشرة ألوان و مزجها جيدا بحيث تصبح كتلة واحدة متناسبة (طبيعية)!!

الطبقة الأولى تتكون من كريم لتهيئة الوجه لكريم الأساس و الطبقة الثانية كريم أساس من ثلاثة ألوان…لون بيج فاتح جدا لتفتيح أغمق البشرات و لون بيج أغمق قليلا لإخفاء كبر الأنف و لون قريب من البني لتصغير حدود الوجه المستدير أو الكبير أو الذي لا شكل محدد له!
تتبع هذه الطبقات الثلاث طبقة طويلة عريضة من أحمر الخدود الصارخ الذي يمتد من الصدغ الأيمن مرورا بالأنف و الجبين و الذقن و انتهاء بالصدغ الأيسر حتى تبدو المرأة (محمرة حمرة طبيعية)!! أما ماكياج العيون فهو أبو الفنون كلها…..أساس أبيض يتبعه أساس ثاني أسود غامق على الجفن العلوي يتبعه لون أرجواني تحت الحاجب و من ثم تتداخل ألوان أخرى مثل التركواز و الأزرق و البرتقالي و الأصفر على حسب لون الفستان و رغبة الزبونة…
و بعد أن تصبح عينا السيدة كأنها مضروبة لكمة بيد الرياضي (بيللي بلانكس), تبدأ المزينة بوضع الرموش الصناعية الكثيفة و التي يزيد طولها عن سم….
و لا يفوتني أن أذكر ماكياج البطة….أقصد الشفة…الشفاه هي رمز الإغراء و الجمال لذا يجب أن تكون كبيرة و ملفتة للنظر (هذا حسب قانون الموضة الجديد أما القدماء و العجائز فلا يزالون يتغزلون في شفاه الفراولة التي تشبه خاتم سليمان…و بالمناسبة خاتم سليمان اختفى من الشفاه و لم نعد نرى إلا شفاه البطة أو كفرات ميشلان بلون أحمر!)
و المنظر النهائي….عيون لا تكاد ترى التعبير فيها و شفاه غير متناسبة على الإطلاق مع حجم الوجه و العينين…و كل هذا في محاولة لتقليد الست العظيمة هيفا و الست المحترمة إليسا…و النتيجة طبعا فتاكة….لا هيفا و لا إليسا……إنما (شيرين)….و آه يا ليييييييييل!!!

الشعر:

تاج المرأة المظلوم أصبح إما منكوش إلى أبعد الحدود أو واقع تحت عملية تكبير خارج الحدود إذ تجد السيدة تصر على عمل تسريحة أكبر من رأسها و لا تكتفي بهذا بل تضيف إليها جميع أنواع الإكسسوارات و الفصوص البراقة….أما السيدة التي تكتفي بإسدال شعرها الناعم على طبيعته فهذه ينظر الناس إليها على أنها فقيرة أو غير مواكبة للموضة لأن رأسها مناسب لحجم جسمها!!

كل هذه العملية تتم في جو من الدخان الصادر من حرارة السشوار على شعور النساء مع مزيج من روائح مثبتات الشعر التي تسبب الربو و الحساسية و سيلان الدموع!

هذا كله …و اليوم لم يبدأ بعد!! هذا كله فقط استعداد للفرح!! و لكي لا أطيل عليكم بمزيد من التفاصيل, إليكم الحدث الرئيسي و المهم: حفل الزفاف نفسه…

الساعة الآن الساعة الثانية عشر ليلا….السيدة (الأنيقة) تدخل الفرح لتجد أن نصف المدعوات لم يحضرن بعد, فالوقت ما زال مبكرا!
(لحم و شحم) هذه الكلمة الأولى التي تتبادر إلى ذهني عندما أدخل إلى أي فرح و ذلك لكثرة اللحوم العارية التي أراها ….أكتاف عارية…أذرع ضخمة مكشوفة…صدور مترهلة تكاد تختنق و تقول (أنقذوني من ضغط السوتيان البوش أب!!!) و أحيانا الصدور لا تتحمل الضغط فتخرج على الجانبين فتصبح المرأة كأنها بأربعة أثداء و ليس إثنين!
أما البطون فحدث و لا حرج….فهي إما مكشوفة في ملابس تشبه بذلات الرقص المصري أو مغطاة و لكن تكاد تنفجر من ضيق الكورسيه أو المشد….و في معظم الأحوال يكون الترهل و الضخامة مصاحبان لتلك البطون التي يجب أن تُخفى تحت جلابيات أو عبايات بدل هذه الفضائح!!

(هياكل عظمية) نوعية أخرى من المناظر التي يمكن مشاهدتها في الأفراح…فتيات مفلطحات مسطحات بدون أدنى ملامح الأنوثة يُعرِّين أذرع و سيقان أشبه بعيدان الكبريت لا فرق بين بطونهن و ظهورهن من حيث الشكل و القوام! كل واحدة منهن تعتقد أنها كلوديا شيفرز لمجرد أنها نحيلة لذا يمكنها لبس أي شيء حتى لو كان يشوهها!!

(الكوشة و ما أدراك ما الكوشة)!!

الكوشة هي في الأصل مزيج من كلمة تركية إيرانية تعني (التكويش) و التجميع للغث و السمين و البشع و الجميل >>>>>>> صدقتوني؟؟ ما أسرع ما نصدق كل ما يقال لنا!
على تلك الكوشة تتجمع شتى أنواع النساء و (تدب) على أرضها جميع الأجسام و الأوزان و الأثقال….تتبارى عليها معظم المتسابقات…أقصد المدعوات …كل واحدة تبرز فنونها القتالية و الرقصية الكيدية ….إثبات وجود من نوع آخر….إثبات وجود ذا طابع أنثوي يتفق مع الخصوصية السعودية!
و على الجانب المقابل للكوشة تتجمع النساء و لكن بطريقة أخرى و لأسباب أخرى…و على رأس هذه الأسباب (النقد) و (النميمة) و (الحش)….في صالات الأفراح كلنا نصبح ناقدات محترفات ….هدفنا فتيات الكوشة و أخت العريس و أم العروس ..
و بعد المحشات و المقصات و اللدغات العقربية النسائية الفتاكة طوال أربع أو خمس ساعات و (المطربة) تدق طبول النشاز و الحرب و الحب على رؤوس نساء المجتمع الهشك بشك و كايدة العزال أنا من يومي إيوه آه…..بعد هذا كله تأتي اللحظة الموعودة….

الزفة…..

موسيقى غربية عالية من فيلم (Independence Day) مع أن الزواج ليس فيه أي نوع من الاستقلال….زفة خليجية…زفة مصرية….زفة أطفال بأصوات (مسرسعة)…أغاني حب و غرام و هيام (كلها كذب في كذب)….العروس تتمايل بدلع للعريس على أغنية رومانسية و لكن حضرة عريسنا المحترم عينه (زااااااااااايغة) على بنات الفرح اللواتي يقفن طوابيرا بدون عباءات لإغاظة العروس و لفت نظر العريس المنحوس….
ما بين نصف ساعة إلى ساعة تبقى المدعوات و هن يشاهدن الـ Show off أو استعراض السعادة و المحبة الذي تقدمه أسرة العروسين كلا على طريقتها الخاصة….أحضان و قبلات مبالغ فيها بين والد العروس و والدته…الإخوة يرقصون مع زوجاتهم و الزوجات يتنافسن في حرب (السلايف) و أهل الزوجة يحاولون أن يظهروا أفضل و أرقى من أهل الزوج…..و سلسلة لا منتهية من الصور و الدموع و (الملاسنات الجانبية) بين جميع من تحويهم الكوشة في ذلك العرض المجيد!!
و آخر المطاف…تخرج المدعوات و هن (يدعين) على أصحاب الفرح بسبب التأخير و يلقين بشتى أنواع الذم و الشتم على العروس الغير جميلة التي أخذت فاتن عصره و أوانه!!
و تعود النساء إلى بيوتهن قبيل الفجر بقليل أو بعده……..و تخلع كل امرأة قناع اليوم المشهود و ترتمي على سريها بجانب زوجها بعد أن تكون رجعت سندريلا إلى طبيعتها (المهلهلة) قبل عصا الكوفيرة السحرية….و (تصبح على خير يا زوجي العزيز…آسفة أنا مرهقة جدا الليلة….إنت عارف الأفراح و قرفها و تعبها)!

6 thoughts on “يوم تشهده كل العصور!!

  1. 🙂 كل العصور قصدك كل عصرية، لان الافراح الان صارت في اي يوم من ايام الاسابيع و لم تعد فقط في ايام اجازات الاسبوع او اجازات المدارس…

  2. نعم كل عصرية و سهرية و كل عصر…و من الجميل أن أحدا يتفق معي حول أيام الأفراح التي صارت طوال أيام الأسبوع و كأن الناس ليس عندهم أعمال من الصباح…
    شكرا قصي

  3. لا يسعني سوى الضحك ..
    و لكن هل لي بالحديث لكن من جهة أخرى فهذا يوم في حياة (امرأة متزوجة) ، فماذا يكون الحال لو كانت مجرد (فتاة)..!
    تبدأ القصة عند حصول الأم على دعوة فرح فإن ابنتها الكبيرة تكون المرافق الأول لها و هذا (اجبارًا) لا اختيارًا حتى لا تصاب بداء العنوسة -ياااا لطيييف بيعد الشر تف تف- ..
    الحرب الأولى : تصّر الفتاة على رفض الدعوة ، الدراسة أهم شيء بالنسبة لها أو عندها اختبار ، أو العريس بالنسبة لها راكب على حمار و لا يهمها أمره حاليًا أو ربما لا ترى أنها مؤهلة للزواج بعد ..
    الحرب الثانية : تضطر الأم للجوء إلى الأب حتى يرغم فتاته على الذهاب ، و تكرمًا منه يقترح أن ينزل معها للسوق لاختيار فستان يليق باسم ابنته و عائلته -الفستان سمعة!!-
    و ما أدراك ما الفستان ، الجميع يعلم بأن ذوق (الرجل السعودي) كل ماله في انحطاط نتيجة لـِ رؤية الممثلات و المغنيات و الرقاصات …الخ ، فما عاد يرضيه سوى فستان أبو لمعة و أبو ترتر و العريان و القصير ، و تنااااضل الفتاة المسكينة من أجل اقناع والدها بأنها تطمح على الأقل بفستان بسيط و رايق -مع العلم أنها نادرة في أسواقنا هذه الأيام- و كل ما تأشر له على فستان شيفون ورايق يقول لها “اش دا شرشف .. لالالالا ما ينفع اشبو ذوقك يا بنتي !!”
    و من سوق إلى سوق و الأب مُصر على اختيار الفستان بنفسه و طبقًا لـِ ذوقه و كأنه هو الذي سيرتديه غير مُراعي أن ابنته قد يكون صدرها كبير و لا قصيرة و لا من ذوات الوزن الزائد ، هو دا الفستان و كيف ما كان يتلبس ..
    تعود الفتاة باكية بعد اختيار الفستان على ذوق والدها المحترم و هي مُصرّة أكثر على عدم الذهاب بهذا المنظر !! لكن مين اللي يهمه أمرها ، الرجل له القوامة حتى في اختيار الفستان و الطقم و الجزمة -الله يكرمكم- !!
    و ما على البنت المسكينة المغلوب على أمرها ، إلاّ بالذهاب محاولةً رسم أكبر ابتسامة و تمضية الوقت بأسرع ما يمكن ..!!
    و للأسف لا ينتهي اليوم بخلع الفستان ، فالأب الفاضل يظل كل يوم ينتظر عريس الهنا يطرق باب بيته و هو كل يوم يسأل الأم ، معقولة ما أحد لمّح لكِ إنو بنتك حلوة و لا …الخ !!

    و آهـ من الأفراح و الزواج و سنينه ..
    * سؤال : هل لازم الفتاة تتزوج ؟

  4. عزيزتي هند
    شكرا لك على الإضافة الجميلة و الواقعية…و ربما تكون مسرحيتي القادمة 🙂
    و لكن هناك أيضا فتيات غير متزوجات أدمن الأفراح و السهر بحثا عن عريس…

    و إجابة على سؤالك من وجهة نظري الخاصة…الزواج ليس شيئا إلزاميا و لا أنصح أحدا بأن يتزوج إلا إذا كان مستعدا للزواج عاطفيا و جسديا و نفسيا و ذهنيا و إلا فإن الحياة يمكن ان تصبح مستحيلة…

    لا أدري متى نخرج من الإطار الضيق بأن الحياة ليس فيها شيء للفتاة سوى الزواج؟ أعتقد أن الحياة أكبر و أثرى من ان يكون فيها خيار واحد فقط للفتاة…

أضف تعليق