الربيع الدموي!

لا زلتُ أذكر حماسي في مثل هذا الوقت من العام الماضي! نعم! عام واحد يفصلنا عن بداية الثورة و لكنه كان عاما مليئا بالأعوام..مليئا بالأحداث…بالمشاعر الجياشة و الترقب…بالفرح لثورة قد تجتثنا من سلطة التخلف و سطوة الانظمة الديكتاتورية بكل صورها و أشكالها!

كان ربيعا حقا…كانت ثورة “نظيفة” و كنا فخورون بها لدرجة أني أكاد أجزم أن كل سعودي تمنى أن يكون مصريا أو تونسيا أو ليبيا في لحظة ما في العام الماضي!

لكن… لابد أن يكون للربيع من ثمر نقطفه و زهو و بهجة نعيشها و وفرة و سعة في العيش نتمتع بها!

بعد كل الأحداث الدموية في مصر و سوريا و ليبيا و بعد كل الذين قتلوا و هم لا يعلمون لمَ و فيمَ قتلوا…بعد كل هذا أجد نفسي مصابة بغصة و ألم عندما أقول “الربيع العربي”!!

العام الماضي تصورتُ بلادا عربية حرة…تخيلت و تمنيت بلادا عربية تقل فيها البطالة…يقل فيها الإجرام…يتلاشى فيها الفقر…تعيش المرأة حياتها بدون وصمة عار بأنها أنثى….يصبح التعليم أفضل و أرقى…يصبح لكل مواطن عربي بيت يعيش فيه بأمان…

تصورتُ ربيعا يثمر عن وضع الأمور في نصابها!

تمنيتُ ربيعا عربيا يقمع العنصرية و الأحقاد و الخلافات بين التوجهات المختلفة!

 تخيلتُ ربيعا الحرية فيه للعدل و الإنصاف!

تخيلتُ ربيعا عربيا نتقبل فيه بعضنا و نختلف مع الآخرين باحترام!

تخيلت ربيعا عربيا يرهب أي حكم أو فكر ديكتاتوري يقمع احترام الإنسانية باسم الدين!

مبارك ذهب غير مأسوف عليه و القذافي قتل…و بشار ينازع و يقاوم لآخر رمق شرس…..و لكن الربيع أتى بديكتاتوريين آخرين من نوع مختلف! ظلم آخر نشهده باسم التغيير! سفك دماءء باسم الحرية! قتل و هرج و مرج باسم الثورة و الإصلاح! و الحجة واضحة “لابد من ضحايا يدفعون ثمن الحرية”! على عيني و على راسي و لكن رؤوس الديكتاتورية و أخبث الساسة لا يزالون يتنعمون في قصورهم و هم يتفرجون على “العامة” و هم يقتتلون!!

 إن “الربيع العربي” إلى الآن لم يسفر إلا عن مآتم خريفية…صدقا …كامرأة تؤمن بحقها في الحياة بحرية و كرامة…خاب أملي في الربيع المنتظر!!

أعتقد أن الربيع العربي مثل شاب ثائر كان يحاول التحرش بالحرية و الحرية تأباه و ترفضه لأنها لا ترى أنه يفهمها حق الفهم!

أنا لا أحلل أي وضع هنا! أنا لا أتحدث في السياسة و لا أدعي الفهم في السياسة المتخلفة التي تحكم العالم العربي برمته منذ سنوات!!

كلامي مجرد فضفضة امرأة يائسة في بحر الدماء العربية التي تم سفكها بدون ذنب!

كلامي مجرد ألم امرأة عاشت ما كانت تتصوره ربيعا و لم تقطف ثماره برغم كل القتل و الدماء!

أعتذر للربيع إذا كنا نحن العرب قد ربطنا معناه بالدم!

و أتمنى…أو أتخيل…(ربما كلمة تمنى لم تعد مجدية)…أتخيل أن يعيش أبنائي في رغد من العيش بعد عشر سنوات من الآن…أتمنى أن يعيش أبنائي و أبناء كل امرأة عربية شهدت سفك الدماء حياة تليق بهم كبشر!

حينها يمكن أن أقول أن الربيع العربي أثمر و أزهر و أن دموع الأمهات و الآباء و الأحباب و الأصحاب لم تضع هباء!

اليوم يملؤني الألم على ما آل إليه حال الربيع العربي و لا أراه إلا ربيعا دمويا!

و لكني لن أستعجل و أحكم على المستقبل …..فرؤية النتائج تحتاج إلى جهد كبير و وقت قد يمتد إلى سنوات…

لذا…في عام 2022 م …..أنتظر أن أرى ثمارا حقيقية للربيع العربي و إلا فالمسمى سيجعلنا مضحَكة للأجيال التي ستشهد فشل العرب في أن يبدؤوا ثورة من أجل أن ينتصر الحق و يسود الرخاء و ليس من أجل إثبات الآراء و الانتصار للأحزاب و التوجهات السياسية!

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف غير مصنّف. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 thoughts on “الربيع الدموي!

  1. “على عيني و على راسي و لكن رؤوس الديكتاتورية و أخبث الساسة لا يزالون يتنعمون في قصورهم و هم يتفرجون على “العامة” و هم يقتتلون!!” اقتبست من كلامك لِأُضيف عليه سيدتي الكريمة، أن هناك من لا يكتفي ب”الفرجة”إن صح التعبير وعلى سبيل المثال، ملككم المظفر يدعم الحركات المسلحة في بلادي تحت مسمى الحراك من أجل نيل الحرية ; الحراك الي ارتكب مجتزر دموية على اساس طائفي في بلدي العلماني سابقا(وهابي) حالياً ، بسبب أموال مضخوخة بشكل مخيف من بلدان الخليج عامة والسعودية خاصة. التي لم تكتفي بالقتل والدمار وارتكاب إحد اروع المجازر في البحرين لا بل قررت أن تحا2ضر في الحضارة والرقي في بلدي
    أما بخصوص “بشار” وكنت تمنيت على سيدة مثقفة محترمة أن تحترم رئيس 23 مليون سوري فتقول الرئيس السوري، وتقرأ الأخبار أكثر قليلاً وباهتمام أكبر لتعرف ما يجري في بلاد العرب ..حقيقة ربيع عربي مزعوم تحت ستاره قُسّم البلد الاغنى (ليبيا)، استلم الاخوان المسلمون(تونس) وعم الدمار (مصر) …وهذا ما لن يحدث في الأمة السورية الأعرق والأقدم …أخيراًُ اعذرِ لي إطالتي…إن كان هناك من حرية .. مسؤولة و واعية فيجب أن تبدأ دون شك من أقدس أرض..ارض رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم..لتنطلق إلى العالم العربي كما انطلقت رسالة نبينا …لا أرى أجدر من هذا البلد بنيل حرية ..حرية التعبير و الثقافة.و ممارسة أبسط الحقوق..ورؤية الاشياء أكثر من مال ونفط ونساء.

    إذا لم تكونوا أنتم أحرارًا من أمة حرة ، فحريات الأمم عار عليكم.
    دُمت بخير

    • شكرًا اخت مي و اتفق معك في ما قلته و على علم به …اما بالنسبة لبشار فهو لا يستحق اي احترام مثله مثل اي رئيس او ملك اي دولة في العالم الحديث فكلهم مجرمون و حرامية و جبارون و ان اختلفت الطرق …و لا يوجد دولة اسلامية حقيقية في هذا الزمن …هذا ان كنتِ قرأتِ عن مفهوم الدولة الاسلامية الحقيقية …كل ما يحدث مسرحية يدفع ثمنها الشعوب…. و تحيتي لشعب سوريا الصامد في وجه المجرم بشار!

  2. والله بارك الله بك أخت مها ، وما أوردته عن مفهوم الدولة الاسلامية الزائف الذي نعيشه هو صحيح مئة بالمئة..ندعو الله ان يتقبل شهدائنا ويسكنهم في جناته، وان لا يذهب تعبنا سدى .فننال حرية طال انتظارها.حرية بمفهومها الشامل
    وبمناسبة الحديث عن مفهوم الدولة الاسلامية الحق أدعوك أن تري وتنشري لتنال أجر الله هذا المقطع لامرأة مصريّة أعزها الله بالإسلام فكانت خير من مثّله في زمن قلّ فيه الإيمان وكثر الرياء

    دمت بخير سيدتي الفاضلة

أضف تعليق